السبت، 26 سبتمبر 2009

مسلسل يوسف الصديق وتجسيد صور الانبياء عليهم السلام




شرعت قناة الكوثر الفضائيه -منذ حوالي سنه تقريبا- في عرض انتاجٍ ايراني ضخم وهو مسلسل يوسف الصديق، وقامت باعادته عدد من القنوات الفضائيه في هذا العام من بينها قناة المنار والفرات والكوت. والمسلسل - الذي يقع في 48 حلقه- يعرض توثيقاً فنياً لحياة نبي الله يوسف عليه السلام منذ أن كان صغيراً حتى تربع على خزائن مصر وصار عزيزاً لها.



ثم ان كلَّ من شاهد المسلسل لمس الجهد الكبير الذي بذل لانجاح هذا العمل الفني واخراجه بحلته الاخيره كما يشعر بعظيم الامتنان لمخرج وكاتب المسلسل الفنان القدير فرج الله سلحشور لاخراجه هذا العمل. وقد مثل في المسلسل فنانون ايرانيون كبار اسهم وجودهم في نجاح العمل. فقد مثل الفنان حسين جعفري دور النبي يوسف عليه السلام وهو فتى في حين مثل الفنان مصطفى زماني دور النبي يوسف عليه السلام وهو في شبابه. كما مثل دور النبي يعقوب عليه السلام الفنان محمود باك تيت، ومثل دور بوديفار عزيز مصر الفنان جعفر دهقان في حين مثل الفنان عباس اميري دور اليخماهو كبير الكهنة.



وهنا نلفتُ الى ميزة قصة نبي الله يوسف عليه السلام عن باقي قصص الانبياء عليهم السلام حيثُ ان الله سبحانه وتعالى لم يتحدث بشكليه مفصله في سورةٍ لحياة نبي من الانبياء كما تعرض لقصة نبي الله يوسف حيثُ تعرض لها بتفصيل دقيق ومتصل مستعرضا رؤياهُ منذ طفولته مرورا على حسد اخوته له وبيعهم له بثمن بخس الى شراء (بوديفار) عزيز مصر له ووله (زليخا) به وسجنه وتربعه كعزيز لمصر ونقله أهل مصر الى دين التوحيد على عهد الملك (امنحوتب)والصاع المسروق وسجود اخوته وابويه له في نهاية السوره. ويستفيدُ الكثير من المفسيرين من ذلك ان قصة نبي الله يوسف هي سيرة حياة جديره بأن نستفيد منها، فهي عبرة لاولي الالباب كما جاء في نهاية السوره. ومن المؤسف ان كثير من القنوات التي تتهافت على اقتناء المسلسلات التركيه والمكسيكيه المدبلجه تغفل عن مثل هذه المسلسلات وهي برأيي غفلة مقصوده للاسف الشديد رغم اعتماد الكاتب على مصادر متفرقه من كتابات المسلمين دون الاقتصار على راي فرقة اسلاميه لوحدها.



الا ان ابرز انتقاد وُجِّهَ للمسلسل هو تجسيد شخصية النبي يوسف عليه السلام وظهورهُ من دون هالةٍ نورانيه حول الوجه بخلاف المسلسلات أو الافلام السابقه والتي تعرضت لشخصيات أخرى. وهنا نستعرض سؤال وجه لي في هذا الخصوص وبعده استعرض الاجابة عليه.

السؤال:
1- كيف يتم تصوير هيئة النبي يوسف عليه السلام؟
2- ألا يحرم التصوير؟
3- لمذا لم يُعمد إلى وضع نور على وجه المعصوم كما جرت العادة؟
الجواب:
سأجمع الجواب على التساؤلات السابقه في مجموعه من النقاط.

أولاً: لأن مسألة تجسيد شخصيات الانبياء من القضايا المستحدثه فهي حقلٌ لاجتهادات المجتهدين لعدم وجود نص صريح في القضيه. أما عن وجهة النظر الدينية التي وقفتُ عليها فهي ترتكز على مراعاة الحفاظ على مقام النبي وعدم التوهين به. تأمل الاستفتاءات التاليه على سبيل المثال لكل من سماحة المرجع السيد السيستاني دام ظله الشريف والسيد الخوئي قدس اللهُ نفسه الزكيه:


الجواب: يجوز تمثيل شخصياتهم عليهم الصلاة والسلام ولكن بشرط ان لا يسيء ذلك ولو في الزمان المستقبل الى مقاماتهم الشريفة وصورهم المقدسة في النفوس ولعل لصفات الممثل الذي يؤدي دورهم عليهم السلام وخصوصياته بعض الدخل في ذلك .



السؤال: هل يجوز تصويرأوإخراج مشهد يظهر فيه النبي محمد (ص) ، أو أحد الأنبياء السابقين ، أو الأئمة المعصومين (ع) ، أوالرموز التاريخية المقدسة على شاشة السينما أو التلفزيون ، أو على المسرح؟
الجواب: إذا روعي فيه مستلزمات التعظيم والتبجيل ، ولم يشتمل على ما يسيء الى صورهم المقدسة في النفوس ، فلا مانع.


وللسيد الخوئي رأي يقول فيه:



السؤال: هل يجوز عمل فيلم تاريخي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والائمة عليهم السلام وإخراجه ؟.. وما الحكم بالنسبة إلى تمثيل الممثلين لشخصياتهم عليهم السلام ؟.. وهل لاي ممثل أن يمثل أدوارهم ، أم ينبغي أن يكون مؤمنا ؟.. وما الحكم في إظهار الطاهرين غير المعصومين كالعباس وسلمان وأبي طالب عليهم السلام وغيرهم ؟.. وما الحكم في إظهار الانبياء السابقين كذلك ؟




الفتوى: الخوئي: المناط في الجميع واحد ، والحكم سوي وهو الجواز ، ولا بأس إذا لم يكن العمل هتكا ، ولا مؤديا يوما إلى هتكهم عليهم السلام وهتك أولياء الدين ، فإذا كان هذا الشرط مضمونا فإنه يجوز.
حتى من ذهب الى التحريم من بعض الفرق الاسلاميه فانه كان ناظراً لدرء المفاسد. يقول مسعود صبري :

"..... ومُنطلق التحريم هو أن درء المفاسد مُقَدَّم على جلب المصالح، فإذا كانت الثقافة تحتاج إلى خروج على الآداب فإن الضرر من ذلك يفوق المصلحة، وأن عِصْمَةَ الله لأنبيائه ورُسُله من أن يتمثل بهم شيطان مانعة من أن يمثل شخصياتهم إنسان"، وأن تمثيلهم ليس مطابقا للواقع، فيغلب فيه جانب الضرر، وأن تمثيلهم قد يؤدي إلى إيذائهم وإسقاط مكانتهم وغير ذلك من الأدلة التي استند عليها.... ".
ولمناقشة هذا الرأي نقول ان هذا الرأي كان شبيه بما سبق الا ان الرأيين السابقين أعطيا الجواز مشروطاً بدرء المفاسد، وهذا الرأي أعطى الفتوى بالحرمه مقرونةً بدرء المفاسد، وعليه فمتى ما ارتفعت المفسده من الامر جاز التجسيد. وهو ما ندعوا له ، وهو الحفاظ على شخصية الانبياء من الهتك. فمن افتى بالجواز ذهب الى العنوان الاولي وهو الجواز ومن ذهب الى الحرمه ذهب للحرمة من باب ثانوي، ولتقريب الصوره من ناحيه فقهيه نقول مشاهدة التلفاز جائزه في نفسها (العنوان الأولي) ولكن ان ترتب على مشاهده التلفاز مفاسد كاثارة الشهوات وما شابه فان الحكم يتحول الى الحرمه (بالعنوان الثانوي).

من جانب اخر اعتبر هذا الراي التجسيد خدشاً في العصمه ولا ارى الرابط بين العصمه (وهي حاله من العلم يمنع صاحبه من الوقوع في المعصيه) وبين تمثيل الدور مع العلم ان بعض الفرق الاسلاميه تنسب الخطأ الى تصرفات بعض الانبياء وبالتالي فهي لا ترى عصمتهم وهو رأيٌ غيرُ صائبٍ بنظرنا. بل على النقيض، فقد دافع المسلسل عن عصمة النبي يوسف عليه السلام خصوصاً فيما يتعلق بهم زليخا به فقد اوضحت بأنه لم يهم بالفاحشه مطلقاً بخلاف ما ينسبه بعض المفسرين اليه عليه السلام وهو الذي يعبر عنه القران بالقول (انه من عبادنا الصالحين).



عموماً هذه الجدليه الدينية قائمه منذ زمن وهي مثار أخذٍ ورد، وقد فتحت بعضها مساحات لتجيز تمثيل ادوار الصحابه كما حصل في فيلم الرساله في حين تحفظت بعضها على ادوار الانبياء كفيلم لا اله الا الله وهو مصري الانتاج حيث كان الراوي يظهر وقت دور النبي، في حين لم تمانع بعضها في تجسيد شخصيات كشخصية عمر بن عبدالعزيز التي جسدها الفنان المصري نور الشريف. ولعل افتتاح المنتجين الايراني لمثل هذه المسلسلات هو بدايه في هذا المضمار ولعله يفتحُ المجال امام المنتجين العرب لينحو هذا المنحى خصوصاً بعد النجاحات الباهره التي حققتها مسلسلات من قبيل مريم المقدسه واصحاب الكهف ومؤخراً يوسف الصديق.


ثانياً: لا ننكرُ بأن جميع من تابع المسلسل اعجب به وجزء من الاعجاب كان لاتقان الدور وتجسيده. فعلى سبيل المثال يقول الاستاذ ياسر الدغاتره في مقالٍ له في جريدة الدستور :


" ..... أيا يكن الأمر ، فقد كان المسلسل إنتاجا ضخما بامتياز ، حيث نجح المخرج في وضع المُشاهد حسيا وبصريا في أجواء تاريخية فيها الكثير من الإبهار ، كما نجح في تحميل النص روحا رسالية بالغة الروعة ، ويبدو أن كلفة المسلسل كانت باهظة ، وبالطبع بسبب المباني والديكور والملابس وغير ذلك من الأدوات الضرورية لنقل المشاهد إلى تلك الأجواء التاريخية بكل تفاصيلها.
....

في أي حال ، ورغم أن مسار القصة معروف للجميع ، إلا أن المسلسل كان جاذبا للمشاهد ، وكان الدوبلاج المنفذ بأصوات مميزة يمنح الموقف مزيدا من الإبداع ، والنتيجة هي نجاح المسلسل في استقطاب الشاهدين ، من دون أن يعني ذلك حسما لقضية تمثيل أدوار الأنبياء التي قد تخضع لمزيد من النقاش ، وقبل ذلك من دونهم منزلة من الصحابة."



ثم انه سواء وضعت هالةٌ نورانيه حول الممثل أو لم توضع فنحنُ في كلا الحالتين لا نقصد ان الممثل هو النبي يوسف عليه السلام بل هو شخصٌ يقومُ بأداء دوره.

ثالثاً: الانسانُ بطبيعته يمتازُ بالخيال الواسع، وما أن يستمع الى شيءٍ ما كقصةٍ على سبيل المثال حتى تبدأ ذهنيتهُ في تصور المشهد. فلو قصَّ خطيبٌ ما قصة النبي ابراهيم ولقاءه مع النمرود أو قصة النبي موسى عليه السلام والسحره، فتجد أنك في ذهنيتك تتخيلُ المشهد وتتصور شخصية النبي الذي تسمع عنه. فنحنُ في ذواتنا نتصور هذه المشاهد، فهل نجيزها في ذواتنا ونحرمها جهراً.

رابعاً: تصوير العمل - حتى وان كان يجسد شخصية نبي من الانبياء عليهم السلام- هو ابلغ في استيعاب القصه من قرائتها. وهذا لا ينطبق على قصص الانبياء فقط بل ينسحب على بقية القصص وهذا ما نحته الدراما العالميه مؤخراً حيثُ عمدت الى تجسيد الشخصيات التاريخيه والمؤثره في افلامٍ وثائقيه. وكل من تابع المسلسل وقف على تفاصيل واحداث حكتها الايات اجمالاً وجاء المسلسل - المعتمد على كتب السيره - بالتفصيل في جزئياتها، وتعرفنا على مسميات كثيره لشخصيات عاصرت النبي يوسف عليه السلام وطبعت بصمتها في مسير حياته.

ختاماً أترككم مع جواب مخرج الفيلم فرج الله سلحشور عندما سأل عن تجسيد صورة النبي يوسف عليه السلام من قبل مذيع قناة الكوثر وقد وضعته القناه نص المقابله على الموقع:

س: نستفسر عن كيفية ظهور وجه الانبياء في المسلسل النبي يعقوب والنبي يوسف عادة ما هناك مسلسلات تضع هالة من النور على هكذا شخصيات ولكن بمسلسل يوسف لماذا لم تتبع هذه الطريقة ؟

فرج الله سلحشور: فيما يتعلق بالسؤال في الثقافة الشيعية لا نواجه مشكلة في عرض صور المعصومين كما تذكرنا الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) قال ليست لدينا اشكالية في ذلك اما في بقية الطوائف الاسلامية الاخرى فهناك الكثير اساسا لا يعترفون بالعصمة او عصمة الانبياء وانه من دواعي العجب بالنسبة لي ان بعض الفرق التي لا تقبل بالعصمة كيف تهتم بهذا الشكل الكبير لعرض وجه نبي او رسول اعتقد ان ذلك خطأ اذا لم نتمكن من عرض صورة تجسد وجه الانبياء فاعتقد اننا سوف نكون محرومين من ترجمة قصص القرآن على ارض الواقع وايصال هذه الرسالة الى الناس، كيف السينما هوليود يسعى لعرض الصور او وجوه كافة الانبياء ويثير شكوكا حول قداسة وعصمة الانبياء ويخرج الدين من حيز الانتفاع ويوحي بأنه ضعيف ويوحي بأن الانبياء كائنات او اشخاص ضعفاء ولكن اذا نحن لم نتمكن من اذا اردنا ان نعرض قدرتهم وارادتهم في ذلك على عكس ما يفكر به هؤلاء فانهم يقولون لا، اعتقد ان هناك اشكالية في هذا النوع من النظرة اذا لم نتمكن من عرض هذه الوجوه اذن لا نستطيع ان نحول دون عرض اعداء الاسلام الذين يعرضون هذه الصور وحتى يعرضون وجوه انبياءنا بالشكل الذي يريدونه هم حتى بوجوه واشكال بشعة وغير معصومة ولكننا بامكاننا ان نظهر هذه الوجوه بصورة جيدة ونقدمها كقدوة للمجتمعات، اعتقد ان هذا ليس فكرا جيدا، لم اعثر على رواية تحظر او تمنع ذلك او تحرم ذلك الإمام الخميني ايضا سمعنا عنه بانه قال بصراحة ان بامكانكم ان تظهروا وجوه المعصومين ولكن بشرط ان الشخص الذي تستفيدون منه لتقمص تلك الشخصية يكون انسان طيبا وليس ملوثا بالامور الدنيوية السيئة على اي حال ان هذا المسلسل لم يقلل من شأن النبي يوسف (عليه السلام) واذا كنا نعترف ان هذا المسلسل كان مسلسلا ناجحا اذن ان احد العوامل المؤدية الى هذا النجاح هو اظهار وجه النبي يوسف (عليه السلام).

شخصياً وبسبب ضروف سفري لدراسة الماجستير العام الماضي (2008)فقد حرصتُ على متابعة العمل الفني عبر مواقع اليوتيوب وعبر موقع حبيب دي في دي الذي كان يحمل الحلقات بجودة عاليه جداً لتعذر التقاط القناه في استراليا، وفي سفري الاخير الى الجمهورية الاسلاميه الايرانيه اقتنيتُ جميع حلقات المسلسل بسعرٍ زهيدٍ جداً، ولا زلتُ اتابع الحلقات على قناة المنار حيثُ لا زال المسلسل قيد العرض. ومن أحب ان يشاهد أو يحمل جميع حلقات المسلسل فسيجدها على الرابط التالي:

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

ماهية الوعي ومضامينه (مقدمه)


أغرتني فكرة المقال السابق المعنون ب (أكلتُ يوم أكل الثور الابيض ... في مجتمعاتنا) وحديثي في طياته عن ما يعرف بظاهرة الوعي ، لتخصيص سلسلة من المقالات التي تتحدث عن هذه الظاهرة ، معرفاً بها، ومعنوناً نماذج عليها، ومستهدفاً لظواهر تاريخيه ومعاصره لهذه الظاهره، مما حدا بي لاطلاق تصنيف جديد بعنوان (الوعي).
ماهية الوعي :
يُعرَّف الوعي بأنهُ "حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي عن طريق منافذ الوعي التي تتمثل عادة بحواس الإنسان الخمس". (موسوعة ويكيبديا على الانترنت) في المقابل نجد تعريف معاجم اللغة كمعجم المحيط يشير الى انه يعني"الفهم وسلامة الإدراك والإحاطه والفطنة والحفظ والتقدير".
ومحصلة هذين التعريفين وغيرهما من التعاريف التي تعرضت لظاهرة الوعي ان الوعي هو حالة من الادراك الذي يعيشها الفرد مع محيطه الخارجي، والادراك للمسؤليه الملقاه على عاتقه تجاه الزمان والمكان والمحيط الذي يعيش فيها.
وتسهم هذه الحالة الفكريه في وجود حاله من اليقضه لما يُحاك للفرد في الخفاء من قبل قوى الشيطان الظاهره والخفيه، وحينها يمكن ان نقول ان الانسان هو انسان واعي.
هل الوعي هو نتاج المؤهلات الاكاديميه؟
قد تسهم المعارف التي يكتسبها الانسان في اكسابه بعض درجات الوعي، الا انها ليست المصدر الوحيد للوعي، ولذا فان من الخطأ ان نربط الحصول على المؤهلات الاكاديميه بالوعي والادراك بالمحيط الخارجي.في مقالي السابق أكدتُ على حقيقة عدم وجود ارتباط بين المؤهل العلمي والوعي (والذي عنونتهُ في تلك المقاله بالنضج). ويرجع عدم وجود ارتباط بينهما الى عدة أسباب كالتالي:-
ألف: في حين تعكس المؤهلات العلميه حاله من النمو المعرفي، يمثل الوعي حاله من النمو الفكري،مما يجعلهما في خانتين عقليتين مختلفتين، ما يعني ان النمو في احدهما لا يعني بالضرورة النمو في الآخر، فقد ترى رجلاً أمياً لم يحظى بتعليمٍ أكاديمي، ولكنه على قدرٍ عالٍ من الوعي والادراك وبالمقابل ترى خريجاً جامعياً يفتقرُ الى الكثير من أبجديات ادراك محيطه.
باء: في مرحلة من المراحل التاريخيه في عصور الاستعمار، ارتبط التعليم والحصول على المؤهلات الأكاديميه بمحاولة القضاء على الوعي عن طريق النخب المتعلمه والذين كانوا ينظرون الى تاريخهم وأعرافهم وتقاليدهم على انها كومه من التقاليد والاعراف الباليه. وقد امتد هجومهم ليشمل استهداف المعتقدات الدينيه الثابته، فقد خلق لهم الاستعمار صوره على أنهم عناصر تنويريه في مجتمعاتهم ، وزودهم بما يجب تنويره!!!
جيم: قد يمثل الحصول على الالقاب الأكاديميه والمهنيه عنصراً من عناصر الالهاء عن واقع المجتمعات المحيطه بهم مما يجعل غارقين في دفات الكتب منهم في هموم مجتمعاتهم.
دال: قد يتعرض جمله من أصحاب الشهادات الاكاديميه الى وجهة نظر واحده ويحرموا من الوقوف الى غيرها، فقد ينظر الى نظريات سارتر الوجوديه بنظرة تقديس لانه لم يقف على غيرها، مما يسلبهم حالة الموضوعيه التي يجب ان يتحلوا بها والتي هي جزء من الوعي، حيث انهم يغرقون في سبات وجهات نظر معينه دون ان يعيشوا واقع من رد عليها.
ومن هنا أظلق عالم الاجتماع الايراني الدكتور علي شريعتي أنةً من اناته في كتابه (النباهة والاستحمار ص 64) قائلاً:
"ان كون العالم جاهلاً وبقاء المثقف عاطلاً من الشعور او اعطائه العناوين والالقاب البارزه كالدكتور والمهندس والبروفسور وأمثالهم لحاله مؤلمة جداً، فيما اذا كان فاقداً للفهم والنباهة والشعور بالمسؤليه تجاه الزمان وحركة التاريخ التي تأخذه معها هو والمجتمع".
وللحديث تتمه في مقالات قادمه.

الاثنين، 14 سبتمبر 2009

كيفية انشاء مدونه الكترونيه




كيفية انشاء مدونه الكترونيه


هممتُ بأن اشرع في رسم شرحٍ تصويري لخطوات انشاء مدونه الكترونيه ولكني أرى ان الامر من السهوله بعيشُ لا يحتاج الامر الى شرحٍ توضيحي. ومن هنا ساكتفي بنقل الخطوات التي يتحتم اتباعها لانشاء مدونه الكترونيه، فاسحاً المجال لهممكم العاليه لتباشروا بالتدوين، لنتشاطر الاراء في المواضيع المختلفه. طبعاً هناك الكثير من المواقع التي تطرح خاصية التدوين بالمجان كمكتوب ووردبرس وجوجل ( عبر تدوينات Bloggers)، وهنا سانقل الية التدوين في مدونات بلوجرز التابعه لجوجل (GOOGLE) لكثرة انتشارها وسهولة استخدامها ووفرة المميزات التي تحويها. ولكن بما ان حديثنا سيكون عن مدونات بلوجرز، فلنتبع التالي :


أولاً: انسخ او اطبع الوصلة التاليه في متصفح الانترنت
https://www.blogger.com/start

حيثُ ستظهر لك صفحة تخبركَ عن مزايا انشاء المدونه، وبجوارها مستطيل برتقالي اللون به عبارة انشاء مدونه الكترونيه (Create Your Blog Now).


ثانيا: بعد ان تضغط على المستطيل البرتقالي سينقلك المتصفح الى صفحه تملأ فيها بياناتك الشخصيه، وفيها اوتماتيكياً تكون لك حساباً (الكترونياً) في جوجل (في حال وجود حساب مسبق في جوجل فان الامر سيسهل اكثر)، وكل ما عليك القيام به هو ان تملأ البيانات المطلوبه وتضغط بعدها على زر الاستمرار (continue).

ثالثاً: ستنتقل بعدها الى صفحها يتعين عليك فيها تسمية عنوان المدونه (Blog Title) وفي خانة عنوان المدونه (Blog Address) سيتيعن عليك اضافة الاسم الذي ترغب بأن يكون اسماً لمدونتك (مثال : مدونتي تحمل عنوان: exploremyskull ) حيثُ سيلحق هذا العنوان ببقية رابط المدونه (blogspot.com) وسيكون الاسم الظاهر على الشبكه وتضغط بعدها على زر الاستمرار (continue).

رابعاً: بعد ذلك يبقى عليك اختيار القالب الذي ترغب به (Templete) حيث سيمكنك استعراض القالب قبل اختياره، (مع التنويه الى امكانيه تغيير القالب لاحقا ان احببت)، وبعدها تنتقل الى تحرير الملف وارسال لارسائل ان احببت.


على امل ان نرى مدوناتكم في اقرب فرصه ...

لماذا ندون؟




بسم الله الرحمن الرحيم




اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم وفرج عنا بهم يا كريم،،،



يتسائلُ الكثيرُ من الاصدقاء عن أهمية التدوين على شبكة الانترنت، وبعضهم قد يتسائل عن كيفية انشاء مدونةٍ الكترونيه، ولهذا فسأشرحُ في هذه المشاركة أهمية التدوين على عجاله- ولعلي اوفق للاسترسال في الشرح في مرات قادمه- ومن ثم سأعرج على كيفية انشاء مدونة الكترونيه على شبكة الانترنت في مشاركةٍ لاحقه.




لماذا ندون وما أهمية التدوين؟


المدونه (Blog) هي عباره عن صفحه شخصيه سهلة التحرير تبنى على قوالب جاهزه مسبقاً وكل ما على المدونِ فعله هو ان يقوم بانشاء الرسائل او تحريرها ومن ثم ارسالها لتظهر على هيئة موضوعٍ جديد.



قد تتفاوت اهمية التدوين (Blog) من فردٍ لآخر الا أن جميعها تتفق على أهمية التدوين. في نظري ان التدوين يمثلُ نافذةً شخصيه يطلُ بها الفرد على الاخرين، يطلق همساته، وأفكاره، ويطلقُ ما دفن في صدره من افكار لم تجد طريقها الى الخروج، خصوصاً مع وجود الكثير من القيود التي تحكم النشر سواء كانت هذه القيود رقابيه او ماديه او كانت متعلقه بمستوى المقال وقيمته المعرفيه، فقد لا يرى مدير التحرير في جريدةٍ ما أي أهمية لما تسعى لنشره، وقد يرى مستوى الصياغه دون المستوى المطلوب. ومن هنا فان المدونه تشكل مساحه من الحريه ينشرُ فيها المرء تدويناته دون ان تخضع لاي قيود رقابيه.




اضافه الى هذا، فالتدوين هي مساحه شخصيه نشرقُ فيها بذواتنا على الاخرين، نهمس في أبصارهم بما يعالج صدرونا من همومٍ وآهات. كما انها مساحةٌ توثيقية لمراحل من حياة الانسان يوثق فيها نموه المعرفي وما عايشه في كل مرحله من احداث وهموم. وفوق هذا وذاك، هي مساحه انشرُ فيها جزء من معارفي وتجاربي للاخرين، لعلهم يرون بها ما يستحق الاستفاده.


هذا ما اردتُ قوله على عجاله، ولعلي بتوفيق الله احظى بالفرصه للاسترسال في الحديث عن هذا الامر في مراتٍ قادمه.

الأحد، 13 سبتمبر 2009

أكلتُ يومَ أكل الثور الابيض .. في مجتمعاتنا

القصةٌ غنيةٌ عن الشرح والاطناب والتفصيل، فقد القمناها حفظاً ايام المدراس دون أن نعيشها بادراكنا، وهي تتحدث عن تفرد الذئب -وفي رواية الاسد- بمجموعةٍ من الاسود كلا على حده بعد ان اوقع بينهم الوقيعه وجعل كلاً منهم يعيشُ حالة من (الفرديه) حتى تمكن منهم فرادى فصرحَ آخرهم بالمقولة المشهوره (اكلتُ يوم اكل الثور الابيض).

أسوقُ هذه القصة المعبره لاستشهد بها على واقعنا الاجتماعي المؤسف حيثُ ارى محيطاً غارقاً في حالةٍ من الفرديه المقيته. منذُ مده ليست بالقريبه صادف ان بعض (المتصابين) قام بنشر قصاصات ورقية قذره على مجموعة من البيوت الواقعه في حارتنا، مما استثار لغط الكثيرين - بصمت - لاحتوائها على عبارات نابيه وقذره تنبئ بتربية الشوارع التي كان يتمتعُ بها كتابها. استثارني الحدث وطفقت امر على البيوت واجمع المناشير واجري اتصالاتي بالاصدقاء والمتخصصين كي نرسم استراتيجية الرد وآليه تحديد هؤلاء الصبيه رغم ان بيتنا لم يكن في عداد البيوت المستهدفه، حتى انتهينا الى عقد اجتماع ضم ممثل عن كل بيتٍ تم استهدافه، وجرى على اثرها التحرك. الى ها هنا يبدوا الامر اكثر من طبيعي، ولكن (هؤلاء الصبيه) استهدفوني فيما بعد حيثُ عمدوا الى الاضرار بسيارتي التي كانت تركن امام البيت اكثر من مره، ولم يكن هذا ما اثار استغرابي ولكن ما اثار استغرابي ان من تجمعوا بالامس في بيتي للتحرك في مشكلةٍ تخصهم، نظروا للحدث على انه (مشكلة) تخصني انا فقط، دون ان يبدوا اي تحركٍ ايجابي تجاهي غير عبارات الترحم على حالي!!!!!

لم اكن ابالي بما تعرضت له سيارتي، ولكن ما كان يمقتني هو البرود الاجتماعي الذي عاشه المجتمع في تلك اللحظه، حيثُ لم يبدوا اي تآزر ولا حتى ادنى همه في الحدث. قبل ليالي تكرر ذات الحدث ولكن بشكل آخر، حيث رأيتُ بعضهم يضاحكُ ذئباً قد نالنا الاذى منه واشتهر اذاه لنا، فما كان من هؤلاء - وهم من اقربائي- الا ان تفاعلوا بكل برود مع الحدث ونشطوا قوى الضحك لديهم وكأن شيئاً لم يكن!!!

البعض يخالُ نفسه ناضجاً ان حصل على درجةٍ علميه كالبكالوريوس او ان كان قارئاً نهماً او ان كان يتمتع بمكانة اجتماعيه عاليه، ولكن للاسف هذا تصنيفٌ خاطئ فمن يقول بأن أياً منها تعني النضج. أن تكون ناضجاً يعني ان تكون على درجةٍ عاليةٍ من الوعي والادراك، بحيثُ تقيس شهيقك وزفيرك وان تحسبُ الحساب لكل خطوةٍ تخطوها، وان تكون على قدرٍ عالٍ من المسؤلية لتحديد موقفك و(أولوياتك) في هذه الدنيا، والا فان هذه الحالة المقيته تعني ان يغرق الانسان في حالةٍ من الفرديه، التي تؤهلنا وبجداره لنقول مقولة الثور الاحمر (أكلتُ يوم أكل الثور الابيض).

الانسان الناضج هو من يتمتع بكل ما سلف وفوقها ان يعيش همَّ المجتمع وكأنه همه، وان يعيش جراح غيره وكانه جرحه لا ان ننساق خلف (ذواتنا الفرديه). الامام علي بن ابي طالب عليه السلام الذي نفتخر بشرف موالاته كان يئنُ عندما يرى مسكيناً او امرأة معوزه، وهو ذلك البطل الهمام التي لم تحنه الرماح ولم ثتنه النبال ولم تنل المصاعب التي واجهها من انينه. ذات الرجل كان يئن لانة الملهوف والمظلوم، حتى اشتد غضبهُ في يومٍ من الايام فقال "لو كان الفقرُ رجلاً لقتلته" لا لان الفقر اثر به او نال منه، بل لان الفقر كان يستهدف جسد الجماعه لا جسده. فكم منا يا ترى يعيشُ هم مجتمعه وامته كما يعيش مشاكله الفرديه؟!!!