عنوان المقال: البحرين تنهج القذافيه
الكاتب : الصحفي المشهور : نيكولاس كريستوف
مراسل صحيفة نيويورك تايمز
ترجمة: أ.علي سلمان العجمي
تاريخ نشر المقال: السابع عشر من شهر مارس لعام 2011م
مصدر المقال في الجريده:
http://www.nytimes.com/2011/03/17/opinion/17kristof.html?_r=3&hp
البحرين تنتهج القذافيه
انّ مما يفطر القلب أن ترى دولةً مخالفةً للكل مثل ليبيا تستهدف طلاب الديمقراطية، ولكن الأمر أكثر ضراوة عندما نرى دولةً حليفةً للولايات المتحده كالبحرين تنهج نهج القذافي وتستخدم المدرعات والأسلحة ومسيلات الدموع الأمريكية اضافةً الى الاستعانة بقوات أجنبية لقمع تظاهرةٍ سلمية متعطشة للديمقراطيه في حينٍ نلوذُ نحنُ بالصمت।
خلال الاسابيع الأخيرة في البحرين، رأيتُ مجموعات من المعتصمين ممن تم اطلاق النار عليهم من مدى قريب، كما رأيتُ فتاةً تتلوى ألماً بعد أن تم ضربها بهراوه، كما رأيتُ أيضاً رجال الاسعاف يضربون لا لجرم سوى رغبتهم باسعاف المعتصمين وقد ازداد الوضعُ سوءًا في الأيام الأخيرة. وفي مقابل موقف الولايات المتحدة الأمريكية الراغب بنزع فتيل الأزمه، شاهدنا أن المملكة العربية السعوديه قد أرسلت جيوشها للبحرين للمساعدة في قمع المعتصمين، ما نتج عن خمس وفيات أخرى بحسب وكالة الاسوشيتد برس.
في أحد مقاطع الفيديو من البحرين، يظهر رجال أمن تضرب رجلاً أعزلاً في متوسط العمر في الصدر بطلقة غاز مسيل للدموع ومن مدى قريب جداً، بدأ الرجل بعدها بالتهاوي واستجماع قوته كي ينهض، ليعاجلهُ رجال الأمن بطلقة أخرى في الرأس. الغريب انه نجا.
ان الولايات المتحدة ملزمةٌ اليوم بأن تختار التمسك أما بحلفائها أو بقيمها. المشكلة في حلفائنا البحرينين لا تكمن فقط في استهدافهم للمعتصمين، بل أيضاً في أنه قائمٌ على أساسٍ طائفي. ففي حين يحكم السنة الدولة، تجد أنهم يقومون وبشكلٍ ممنهج بقمع الحركة الاحتجاجية الواسعة للشيعية.
لقد ألقت القوات الأمنيه في البحرين منذ أسابيع القبض على زميلي في صحيفة النيويورك تايمز مايكل سلاك مان، وقد حدثني بأنهم قاموا بتوجيه أسلحتهم اليه، وكانوا على وشك أن يطلقوا النار عليه قبل أن يشهر جواز سفرة على وجه السرعه ليخبرهم بأنه صحفي أمريكي. حينها، ينقل أن مزاجهم تغير وجاءه قائد الفرقه وأخذ بيده قائلاً بكل مودة "لا تقلق! نحنُ نحب الأمريكيين".
"نحن لا نتعقبك. نحنُ نتعقب الشيعة" أخبره رجل الأمن.
حينها استحضر مايكل في داخلة أن الأمر بدا شبيهاً (بأنهم يتعقبون فئراناً).
ان جميع هذا مأساوي لأن أسرة ال خليفة الحاكمة بامكانها أن تفتخر بما تما انجازه في البحرين من مجتمعٍ مزدهرٍ وديناميكي، وطبقةٍ عاملة متعلمه ومجتمعٍ تنعم فيه المرأة بحياةٍ أكثر ازدهاراً من جارتها في المملكلة العربية السعوديه، بحيث تبدوا البحرين كواحة معتدله في منطقةٍ عسرة.
بالمقابل، بامكان أن تنزل مغمض العين بواسطة برشوت في أي حيٍ من أحياء البحرين لتعرف ان كان حياً سنياً أو شيعياً، فالأول ينعم بالطرق المزدهرة والخدمات العامه. كما أن من المستحيل أن تجد شيعياً يعمل في الجيش أو الشرطة. ألا يبدو هذا من أصداء الطائفية؟
صحيحٌ أن المعتصمين قد تصرفوا بشكلٍ أضعف من موقفهم، فترديد لشعار (الموت لآل خليفه) - بشكلٍ متكرر آذى الجميع. كذلك فقد استهدفوا رجال الأمن الباكستانيين وغيرهم من جنوب آسيا.
كل هذا يقود الى تطرف وعنف غير ضروري، حيث كان بامكان الملك أن يلاقي بعض مطالب المعتصمين من قبيل اقالة رئيس الوزراء والتوجه الى ملكية دستورية شبيهة بتلك التي في الأردن أو المغرب. لو فعل هذا ابتداءاً لقبل المعتصمين بهذه التسوية. عوضاً عن ذلك قامت العائله المالكه بالحديث عن حوارٍ لكنه لم يوصل الى تنازلات ذات قيمه، ولا تزال قوى الأمن تتصرف بوجشية حالها حال بقية الأنظمة في المنطقه.
لقد كتبتُ منذ أسابيع حول جراحٍ متميز وهو صادق العكري، حيث تم الاعتداء عليه بقسوة من قبل قوات الأمن. لم أتمكن في حينها من اجراء مقابلةٍ معه لأنه كان فاقداً للوعي، ولكني عدت فيما بعد للحديث معه وتعكس قصته لمحة من مأساة البحرينيين. فالدكتور العكري هو شيعي معتدل ويقول بأن أقرب أصدقائه هو سني، وقد كان هذا جلياً حين أخذ الدكتور العكري منذ فترة قريبه اجازة وظيفية من أجل مرافقة صديقه الى هوستن في رحلةٍ علاجيه. وفي الوقت الذي قامت فيه قوى الأمن بالاعتداء على المعتصمين، بذل الدكتور العكري جهوده من أجل اسعاف الجرحى. ويذكر الدكتور العكري أن قوى الأمن ألقت القبض عليه حينما كان يحاول انقاذ طفلٍ تائهٍ. حتى حينما كشف عن هويته، يقول الدكتور بأنهم قاموا باقتياده بشدة لدرجة أنهم حطّموا أنفه. وبعدها قاموا بانزال ملابسه مهددين باغتصابه في الوقت الذي كانوا يلعنون الشيعة فيه.
ان ربيع الثورات العربية الذي بدأ بخطى متسارعة في تونس ومصر يتحمل الآن شتاءاً وحشياً في كل من ليبيا والبحرين والسعودية واليمن. يستوطن الاسطول الخامس للولايات المتحده أرض البحرين ونملك علاقات جيده مع الحكومة البحرينية ولا أرى أننا سنسحب اسطولنا البحري من هناك.
لقد أبدت السيدة هيلاري كلينتون أسفها للعنف في البحرين، وعلى الادارة الأمريكية أن تتحدث بشكلٍ أكبر، وان تحلى الرجال والنساء في البحرين بالشجاعة للمطالبة بالديمقراطية، فعلينا أن أن نكون مثلهم أيضاً.
نشر المقال بتاريخ: 17 مارس 2011م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق