السيّدة زينب (ع) وتعريةُ ظاهرة التشدّق بالدين !!
من المشاهد اللافتة للمتأمل
في سيرة العقيلة زينب عليها السلام أنّ من جرّت عليها الدواهي مخاطبتهم ، كانوا من
المتشدقين بالهويّة الدينية رغم إجرامهم وقتلهم لريحانة رسول الله صلّى الله عليه وآله
وخروجهم الفاضح من حياض الدين، فهذا عمر بن سعد لعنه الله يقول: "يا خيل الله اركبي
وأبشري"[1] وكان صائحهُ فيما بعد
ينادي "احرقوا بيوت
الظالمين"، وهذا ابن زياد لعنه الله يخاطب العقيلة (ع) بالقول: "الحمدُ لله الذي
فضحكمم وقتلكم وكذّب احدوثتكم"[2] وفي موضعٍ آخر: "كيف رأيتِ صنعَ الله بأهل بيتك"[3]، وفي موضعٍ ثالث: "قد أشفى الله نفسي من
طاغيتك"[4]، وهذا يزيد بن معاوية
لعنه الله يقول للإمام السجّاد عليه السلام: "يا علي! أبوك الذي قطعَ رحمي وجهل حقّي
ونازعني سلطاني! فصنع به الله ما قد رأيت!" [5] وقال للحوارء عليها السلام:
"إنما خرج من الدين
أبوك وأخوك"[6]، ويقرّعها تارة بلفظة "كذبت يا عدوّة
الله"[7].
وتشكّلُ هذه الظاهرة منطقة
إلتقاء يجتمعُ حولها كثيرٌ من أعداء الدين، الذين يحاولون رغم إجرامهم– كثرُ أو
قلّ – أن يقتنصوا بشباكهم أكبر شريحةٍ ممكنةٍ من الناس، فيطعّمونَ كلماتهم بعبارات "الدين" والدفاع عن حياضه، وإن كانوا ممن أوغل في الإفساد في الدين.
إلّا أن البصيرة التي كانت تتمتّعُ بها الحوراء عليها السلام، كانت كفيلةً بتعرية زيف تشدّقهم بالدين وتجلببهم بلباسه، وقد بلغ من فضحها لنفاق يزيد أن جعلت نساء آل معاوية يبكين لمقتل الحسين عليه السلام[9].
وقد انطلقت في تعريتها
للباطل من فضح زيف تشدّق هؤلاء بالمعاني والقيم الدينية، وتصحيح الفهم المغلوط الذي قد
ينطوي على السذّج من الناس، قائلةً: "أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض و آفاق السماء
فأصبحنا نساق كما تساق الإماء ، أن بنا هوانا على الله ، و بك عليه كرامة و إن ذلك
لعظم خطرك عنده فشمخت بأنفك و نظرت في عطفك جذلان مسرورا حين رأيت الدنيا لك
مستوسقة و الأمور متسقة و حين صفا لك ملكنا و سلطاننا ، فمهلا مهلا لا تطش جهلا ،
أنسيت قول الله تعالى (و لا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما
نملي لهم ليزدادوا إثما و لهم عذاب مهين) ..."[10].
وكأنها تقولُ له: ما تراه مجداً وتسديداً وتدّعي أنّه نصرٌ من الله وتمكينٌ منه لك، ليس إلّا مجرد إملاء ليزداد إثمه.
كما كانت تخاطبهُ بلهجة قوّة وعزّة قائلةً:
وكأنها تقولُ له: ما تراه مجداً وتسديداً وتدّعي أنّه نصرٌ من الله وتمكينٌ منه لك، ليس إلّا مجرد إملاء ليزداد إثمه.
كما كانت تخاطبهُ بلهجة قوّة وعزّة قائلةً:
"فكد كيدك و اسع
سعيك و ناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ، و لا تميت وحينا ، و لا تدرك أمدنا ، و
لا ترحض عنك عارها و هل رأيك إلا فند و أيامك إلا عدد و جمعك إلا بدد يوم ينادي
المنادي ألا لعنة الله على الظالمين"[11]
[1] البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي، الطبعة
الأولى (1423 هـ) مطابع دارالبيان الحديثة، القاهرة: ج 8 ص 151
[2] وقعة الطف لأبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي الغامدي، تحقيق الشيخ محمد هادي
اليوسفي الغروي، الطبعة الثالثة 1431هـ، مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت
(ع): ص 299
[3] المصدر السابق: ص 299
[4]المدصر السابق: 299
[5] المصدر السابق: 309
[6]المصدر السابق: 310-311
[7] المصدر السابق: ص 310
[8] البداية والنهاية، مصدر سابق، ج 8 ص 163
[9] وقعة الطف، مصدر سابق: ص 311
[11] المصدر السابق: ص 107
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق