كثيراً ما يطرقُ فكري مسألة "صراعُ المتدينين" سواء سواء كان هذا الصراع في حركة انطلاقيه من دين ضد دين او مذهب ضد مذهب بل وفي ذات المذهب او التوجه الديني. بل لا أراني مبالغاً ان قلتُ بأن سبب تردي الكثير من الاوضاع الاجتماعيه والثقافيه والدينية في مجتمعاتنا تعزى لهذا الصراع حيثُ تعمل هذه الصراعات على تحطيم الجهود وتشتيت القدرات بل وقد تصل الى درجةٍ خطيره حيثُ تنفر الناس من الدين.
تكمن المشكلة في هذا الصراع في نقطتين اساسيتين:-
ألف: تحول الاختلاف الى خلاف، مما يسبب سوء الظن في الاخر والقطيعه وما يتبعها من تسقيط للطرف الآخر فيتحول الاختلاف الى امرٍ شخصي ويستنهض القواعد الشعبيه لكل طرف لخدمة وتأجيج هذا الصراع.
باء: تجيير "الدين" لحدمة هذا الصراع ويتحول الدين الى وقود لهذا الصراع.فخلافاً لغيره، فان (المتدين) يوظف الدين لمصلحته، فتراهُ يوجهُ الأيات ً القرانية والاحاديث النبويه والاحكام الشرعيه لمآربه "الشيطانيه" ففلانٌ حلال الدم بعنوان "اقتلوهم حيث ثقفتموهم" وفلان فاسق وفلان ...... الى غيرها من الاحكام. قد تأخذُ هذه الاحكام منحى اخر يكمن في تبرير الافعال، وهنا تكمن المشكله حيث انه يعتقد أنه "مسدد الهيا" في مواقفه وان ما يفعله هو عين الصواب، كما كان موقف الخوارج - وهم فئة متدينه- تجاه الامام علي عليه السلام حيثُ كانوا يرون كفره والعياذ بالله وهو الذي ما تشيد الدين الا بسيفه.
ورب سائل يتسائل عن ماهية هذا الصراع وما علته، والجواب بالتأكيد هو اختلاف الغايات، فلو كانت الغايه هي وجه الله سبحانه وتعالى لما نشأ هذا الاختلاف من اساسه. يقول السيد كمال الحيدري في كتابه يوسف الصديق ص 205 ".. اذا امتلأ قلب الانسان بالفرح والبهجه بمعرفة الله تعالى لم يمنع ذلك أن يمتلئ قلب غيره به وان يفرح به ..". فالمؤمن المتدين ما دام يعيش حالة المعرفة بالله لن يرى هذه المعرفه حكراً عليه، بل انه سيفرح ما بوصول غيره الى الله ومعرفته. وهذا يقودني الى مشكله يقع فيها كثيرٌ من المتدينين الذين لا يرون صحة العمل ما دام خالياً منهم ومن وجودهم. فلو وجد فلانٌ من الناس ممن يقوم على شؤون مسجدٍ أو مأتم أو نشاط ديني، فما المانع من ادعوا له بالتوفيق بغض النظر عن تواجدي في المشروع ذاته واسهامي فيه بدل ان ارى سقوطه وعدم صلاحه!!!!
طبعاً مما يسهم في تأجيج هذه الصراعات هو غياب الفئة الواعيه الهادفه للصلاح في المجتمع. وعوضاً عنها تجد بطانات تسعى لتأجيج المشاكل واثارتها متجاهلين قول الله عزوجل في كتابه الكريم في سورة الحجرات الاية 9 "وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما".
ختاماً ارى لزاما على المتدينين ان يعيدوا الحساب فيما يتعلق بصراعاتهم وتوجيهها توجيهاً سليماً خدمة للصالح العام وحتى لا يحملوا اوزارهم واوزار غيرهم ...
هناك 3 تعليقات:
بلفعل اخي علي
الصراع تحول الى حلبة مصارعة و كل احد يريد ان يقضي على الثاني بضربة القاضية
بل ما فكرنا نفهم بعض و نعيش مع بعض .
و لا يهم اي صراع بين اي دين او مذهب
الفئة المتعصبة ... لم تفكر الا بقوة ... و هذا هو السبب وراء صمود و وجود الملحدين
بقاء و نجاح التيار الملحد هو الخلاف و الصراع بين الاديان و المذاهب
من رغم انه في تيار ملحد متعصب و لكن هذا التيار المتعصب وقف يشاهد اولا ان كل دين يقضي على الاخر و عندما يحين الوقت بيدا التاير الملحد بنشر افكاره الخطيرة
ان كنا نفكر بان الاختلاف في الراي لا يهم
المهم العيش و الدين و العقيدة شي شخصي
حرية شخصية
اخوك
علي
أحسنت أخي علي على اضافتك الرائعه، وللامام علي عليه السلام مقولة لطيفه في ذات المعنى يقول فيها :
"فيا عجبا والله يُميتُ القلبَ, ويجلبُ الهم؛ اجتماعُ هؤلاءِ على باطلهم, وفشلكم عن حقكم, فَقُبحا لكم وترحا حين صرتم غرضا يُرمى"
شرفني مرورك، فلا تحرمنا من طلاتك البهيه باستمرار.
تظل النظرة إلى الحق نظرة نسبية أخي علي. وكثيراً ما نغير نظرتنا لأفكارنا السابقة.
نعاني من نقص في الحوار. حتى في المذهب الواحد، المتدين لا يتحاور مع غير المتدين. فقط يُدعوه إلى اعتناق أفكاره، يدعوه من منطلق الناجي والخاسر\المتقي والضال..إلخ في ظل هذه العلاقات لا ينشأ حوار مطلقاً.
لك أسمى تحية..
إرسال تعليق